بعد كارثة الزلازل التي ضربت جنوبي تركيا في فبراير / شباط الماضي، برزت من جديد أهمية نظام العزل الزلزالي الذي يعد أقوى الأنظمة المستخدمة لحماية المباني من آثار الهزات الأرضية وتداعياتها.
وسلط الإعلام التركي خصوصا على هذا النظام مؤخرا نتيجة المرونة العالية التي أظهرها في حماية المباني القائمة عليه في مناطق الزلزال الأخير الذي دمر وصدّع عشرات آلاف المباني في 11 ولاية تركية.
في وقت صمدت فيه المباني القائمة على أنظمة العزل الزلزالية صمودا عجيبا أمام هذا الزلزال الذي يعد من أقوى الزلزال في العصر الحديث وأطلق على الكارثة التي أحدثها بـ "كارثة القرن".
هو واحد من أكثر الوسائل الشعبية لحماية الهياكل الإنشائية من القوة الزلزالية، وهو عبارة عن مجموعة من العناصر الهيكلية التي ينبغي فصلها إلى حد كبير عن الجزء العلوي من الطبقة التحتية للمباني لتستريح عند اهتزاز الأرض، وبالتالي تلعب دور كبير في حماية وسلامة المبنى.
تتكون العوازل من طبقات من المطاط والفولاذ مع قلب من الرصاص، اخترعه الدكتور بيل روبنسون في عام 1974.
النظام يقوم على وضع أجهزة خاصة بين الهيكل الإنشائي وأساساته، ما يعني أنه يتم وضع جهاز واحد لكل عمود من أعمدة الحمل الرئيسية، بطريقة تضمن الفصل التامّ للمبنى عن الأساسات المغروزة بالأرض.
يمكن أن تحمل هذه الأجهزة الوزن الخاص بالهيكل، ويمكن أن تكون مرنة جداً في أثناء التعامل مع القوى الأفقية التي تولدها الاهتزازات الزلزالية. فعندما تتحرك القاعدة في أثناء حدوث زلزال، تتحرك العوازل فيما يظلّ الهيكل نفسه ثابتاً. يساعد هذا بفاعلية على امتصاص الموجات الزلزالية ومنعها من الانتقال عبر المبنى.
أشاد المسؤولون الأتراك ووسائل الإعلام التركية بنظام العزل، لاسيما أنه ساهم في إنقاذ مباني عدد من المستشفيات الحكومية في المناطق التي ضربها الزلزال، على غرار المستشفى الحكومي في ولاية إيلبيستان، وفي منطقة دورت يول بولاية هاتاي، والمستشفى الحكومي ومستشفى التوليد في ولاية ملاطيا.
فبحسب أورجان أوزتشامور، المدير العام لأنظمة العوازل التكنولوجية (TİS)، الشركة الأولى والوحيدة في تركيا التي تنتج عوازل الزلازل من مواد محلية، فإن "المستشفيات الحكومية ذات العوازل في منطقة الزلزال أعطت نتائج ممتازة".
وقال: "قمنا بفحص جميع المستشفيات الـ8 ذات العوازل في المناطق التي طالها الزلزال، ووجدنا أن هذا النظام أتم مهمته بنجاح ونال العلامة الكاملة"، مشيرا أنه "أدى دوره على أكمل وجه ولم يُصب أحد حتى بنزف في الأنف"، وفق ما نقلت عنه القناة الحكومية "تي آر تي".
بعد الزلزال المدمر الذي ضرب اليابان عام 2011، والزلزال الأخير في تركيا، أثبتت النتائج التي تم رصدها أن نظام العزل الزلزالي بات أمرا ضروريا، لا سيما في المناطق النشطة بالزلازل.
في السابق كان تكلفة هذا النظام عالية، لهذا كانت تلجأ شركات البناء إلى أنظمة بديلة، أما الآن وبعد أن أصبحت أسعارها في المتناول بدأت الشركات التركية بتصنيعها.
وهذا ما ذهب إليه أورجان أوزتشامور، المدير العام لأنظمة العوازل التكنولوجية "TIS".
يقول أوزتشامور: "إن في العالم 12 أو 13 شركة يمكنها إنتاج عوازل الزلازل. كانت أسعار المنتجات المستوردة مرتفعة للغاية قبل إنتاج عوازل الزلزال في تركيا بالوسائل المحلية. بعد بدء الإنتاج المحلي لـTIS، خفضت الشركات الأجنبية سعر
المنتجات التي أرادوا بيعها إلى تركيا بنسبة 50-60%".
يضيف: "أصبح النظام تقنية يسهل الوصول إليها. لذلك زاد استخدامه بشكل ملحوظ".
يقول المهندس المدني محمد إمره أوزجانلي، الذي سافر إلى اليابان عدة مرات بعد زلزال 1999 المدمر للاستفادة من التجربة اليابانية في نظم العزل، ونقلها إلى تركيا، إنه عندما رأى هذا النظام تأثر كثيرا وفعل ما بوسعه لنقل هذا النظام إلى بلده.
ويضيف، في مقابلة مع قناة "شو خبر" التركية، إنه في عام 2013 أصدرت وزارة الصحة التركية تعميما بإلزامية استخدام هذا النظام في جميع المستشفيات التي يبلغ عدد أسرتها 100 فما فوق. وبالتالي طُبق النظام على أكثر من 70 مستشفى في عموم البلاد.
وحول تكلفة هذا النظام، يتابع أوزجانلي: "تتراوح تكلفة استخدام هذا النظام في المباني العادية بين 10 و 15 بالمئة من تكاليف البناء"، لافتا أن التكاليف تتفاوت حسب منطقة الزلزال وحالة الأرضية والحمل عليها وعدد الطوابق.
جميع المشافي ذات العوازل في منطقة زلزال كهرمان مرعش لم تتعرض لأي أضرار هيكيلية
المهندس أوزجانلي، الذي أشرف على تجهيز مستشفى إيلبيستان، لفت إلى أن جميع المشافي ذات العوازل في المناطق التي طالها الزلزال لم تتعرض لأي أضرار هيكلية.
وأشار إلى وجود 10 مستشفيات ذات عوازل زلزالية في المنطقة (منطقة الزلزال)، في دورت يول بولاية هطاي، و3 مستشفيات في ولاية ملاطية، وفي أديامان، وعثمانية وإيلبيستان، وفي كهرمان مرعش، لافتا ان جميعها لم تتعرض لأي أضرار هيكلية.
بحسب المدير العام لأنظمة العوازل التكنولوجية، "من الممكن نظرياً تعديل الهياكل القديمة باستخدام هذا النظام، ولكن في الواقع من الصعب جدّاً تنفيذه".
ويضيف: "مطلوب حسابات هندسية جادة لإعداد هذا النظام. لا يمكنك تغطية العيوب في المبنى بعزل الزلزال. هل يمكن ذلك إذا اضطررت إلى ذلك؟ نعم، حدث ذلك بالفعل في بعض المباني حول العالم".
يقول المدير العام لأنظمة العوازل التكنولوجية، أورجان أوزتشامور، لقناة "تي آر تي"، إنه "بعد اكتمال المسح الأرضي، يجب إضافة 4 أشهر في المتوسط إلى مدة المشروع من أجل تصنيع وتركيب هذه العوازل".
وعن عمر النظام الافتراضي، يضيف أن "عمر العوازل يعادل عمر المبنى"، وأن "النظام يستمر في العمل بشكل طبيعي بعد الزلزال، حيث لا يوجد شيء معطوب يجب التخلص منه مع حدوث زلزال".
