مع تدشين أول سيارة كهربائية تركية "توغ"، والطفرة التي تشهدها صناعة الطائرات المسيَّرة مؤخراً التي ذاع صيتها شرقا وغربا، زادت آمال أنقرة في اللحاق بركب صناعة السيارات الطائرة، وعقدت العزم على الريادة في تكنولوجيا النقل المستقبلية، ومنافسة الدول التي تعمل على تصنيع السيارات الطائرة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة واليابان.
قبل 4 سنوات، كشفت شركتا "بايكار" و"بيرقدار" المتخصصتان بالطائرات المسيرة في تركيا عن العمل على تصنيع أول سيارة طائرة تركية الصنع، تحمل اسم عالم مسلم، لتدخل تركيا نادي الدول القلائل التي تحدث ثورة في عالم التكنولوجيا.
خلال عام ونصف فقط تمكنت الشركتان من تجميع أول نموذج جاهز وبحلول سبتمبر/أيلول 2020 نجحت الطائرة في اختبارات التحليق.
أطلق على الطائرة اسم "الجزري" وهو اسم مستمد من العالم بدين الزمان الجزري الذي يعد من أعظم المخترعين في الميكانيك عبر التاريخ.
قال المدير الفني للشركة سلجوق بيرقدار، إنهم يعتزمون صنع نماذج أولية أكثر تطورا خلال الفترة المقبلة، وتنفيذ رحلات مأهولة.
وأضاف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية (الأناضول): "سيستغرق الأمر حوالي من 10 إلى 15 سنة حتى تهبط السيارة الطائرة "جزري" في الطرقات، وربما نشهد خلال 3 أو 4 سنوات استخداما ترفيهيا لها في المناطق الريفية مثل عربات ATV".
وفي مناسبة أخرى، صرح بيرقدار لوسائل الإعلام المحلية: "نخطط لإنتاج سيارات ذكية شخصية تستخدم مثل الحاسب الآلي الشخصي، وسيارة (جزري) هي نموذج ذكي للغاية من هذه السيارات، حيث يمكن لأي شخص معها أن يصبح طيارا".
وأشار إلى أن "هناك ثورتان كبيرتان في قطاع صناعة السيارات إحداهما السيارة الكهربائية والأخرى السيارة الذكية".
ولفت إلى أن سيارة "جزري" لاقت اهتماما كبيرا منذ ظهورها وأحدثت صدى عالميا بعد أول اختبار طيران لها.
يعتبر الجزري واحدا من عمالقة الهندسة في التاريخ، إذ ساهمت اختراعاته في فتح الباب لظهور كثير من الآلات التي لعبت دورا محوريا في الثورة الصناعية في أوروبا، والتي أصبحت فيما بعد عماد المدنيّة الحديثة.
هو بديع الزمان أَبو العز بن إسماعيل بن الرزاز الجزري. ولد في جزيرة ابن عمر ومنها جاء لقبه "الجزري". كانت هذه الجزيرة جزءا من بلاد الشام، وهي اليوم تتبع تركيا وتقع على خط الحدود مع سوريا مباشرة. ورغم أنها لا تطل على البحر، فإن تسمية الجزيرة أطلقت عليها لكثرة الأنهار حولها.
ويعتبر هذا المهندس من أوائل من فكروا ونجحوا في صنع آلات ذاتية الحركة، تعمل من دون قوة دفع بشرية، وقد احتوى كتابه الذي يعرف اختصارا بكتاب "الحيل"، على مخططات 100 آلة ميكانيكية، وتوضيحات لكيفية صنع كل واحدة منها. وقد استخدم الجزري الماء المتدفق وسيلةً لتشغيل آلاته واختراعاته.
تلقف الأوروبيون اختراع الجزري بعد قرنين، وبنوا عليه حتى توصلوا إلى اختراع المحرك وبدأ عصر القطارات البخارية، التي كانت العمود الفقري لعصر النهضة والثورة الصناعية الأوروبية في القرون الوسطى.
خصائص "الجزري"
يبلغ وزن الطائرة 230 كيلوجرامًا وتمتلك 4 مرواح مزودة بـ 3 أنظمة ذكية للطيران الآلي يعمل أحدها في حالات الطوارئ لحماية العربة من السقوط.
ونشرت وسائل إعلام محلية تركية عبر تويتر صورا تظهر السيارة الطائرة جزري وهي تبدأ أول رحلة لها في سماء تركيا.
أثناء مشاركته في مهرجان "تكنوفيست" في مدينة غازي عنتاب عام 2020، قال الرئيس رجب طيب أردوغان إن تركيا ستحقق النجاح في مجال السيارات والسيارات الطائرة على غرار نجاحاتها في صناعة الطائرات المسيَّرة.
وأشار خلال كلمته إلى أن "تركيا تبوأت مكانة بين الدول القليلة في العالم على صعيد الطائرات المسيرة، ونؤمن بأننا سنحقق النجاح ذاته في مجال السيارات والسيارات الطائرة".
ولفت إلى أن حكومته تعمل بكامل طاقتها من أجل الارتقاء بتركيا إلى أهدافها لعام 2023، معرباً عن ثقته بأن شباب المستقبل سيواصلون السير في طريق ازدهار البلاد وتحقيق رؤيتَي 2053 و2071.
